شهدت الليرة التركية في ديسمبر لعام 2021 أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي، حيث يواصل الرئيس رجب طيب أردوغان تنفيذ ما تطلق عليه صحيفة Wall Street Journal “السياسات الاقتصادية غير التقليدية”. حيث شهد المواطنون الأتراك انخفاضاً في قيمة العملة الوطنية بنسبة 30% الشهر الماضي فقط، مما جعل كل شيء ابتداءً من الطعام وصولاً إلى الوقود أغلى بكثير مما اعتادوا عليه.
يرى الكثيرون أن البيتكوين يمكن أن تحل مشكلة الليرة التركية. ولفهم وجهة النظر هذه، قد يكون من المفيد مناقشة كتاب كتبه الاقتصادي النمساوي فريدريك هايك قبل 45 عام.
في كتابه “إضفاء الطابع التأميمي على المال”، يقدم الحائز على جائزة نوبل قضية أن مونولوجيا الحكومة بشأن المال غير مرغوب فيها مثل أي احتكار آخر. يناقش هايك فوائد إصدار عملات تتنافس لمنفعة الجمهور، وعلى الرغم من كتابته لهذا الكتاب منذ نصف قرن يتوقع هايك صعود الأصول الرقمية مثل الإثيريوم والبيتكوين، التي يمكن أن نعدها اليوم أقرب مثال لدينا، بخلاف الذهب والفضة، للنقود “منزوعة الجنسية”.
البيتكوين هو الحل
البيتكوين أصل لامركزي، ليس صادراً عن أي حكومة وليس لأي بنك مركزي سلطة عليه، فهو يتميز بأنه حيادي تماماً، حيث يمكنك إرساله لأي شخص وفي أي مكان في العالم. إضافة إلى ذلك، البيتكوين مخزن ممتاز للقيمة مقارنةً بالعملات التقليدية التي شاهدنا تضخم عدد كبير منها في الفترة الأخيرة، ففي الأربعين سنة الأخيرة، فقد الدولار ثلث قيمته.
أما بالنسبة لمشكلة التلاعب النقدي، يرى هايك أن العملات المنافسة هي الحل. وهو يعتقد أنه إذا كان لدى الناس خيار، فإن هذا من شأنه أن “يمنع الحكومات من حماية العملات التي يصدرونها من العواقب الضارة لإجراءاتهم الخاصة”. بعبارة أخرى، سيواجه محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية صعوبة أكبر في إخفاء إجراءات خفض قيمة عملاتهم.
وهنا نبدأ فهم سبب قيام دول مثل الصين وتركيا بحظر البيتكوين، ولماذا يحرص البيروقراطيون وصناع السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا على تنظيمها.
الأتراك يتوجهون إلى البيتكوين
على الرغم من حظر العملات الرقمية، فإن العديد من الأتراك في سبيل حفاظهم على مدخراتهم تحولوا إلى البيتكوين، ناهيك عن الذهب، حيث تستمر الليرة التركية في الانخفاض بسبب إصرار الرئيس رجب طيب أردوغان على خفض أسعار الفائدة لمكافحة التضخم الخارج عن السيطرة. فعادةً، ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة للسيطرة على الأسعار المرتفعة، لكن الرئيس أردوغان يبرر وجهة نظره أنه لا يرغب بالمخاطرة في النشاط الاقتصادي الكبير الذي تشهده تركيا مقابل الاستقرار الاقتصادي.
في النهاية من الطبيعي أن يرى الناس في العملات الرقمية الحل للحماية من التضخم. السبب هو أن العملات الرقمية كالبيتكوين لها إجمالي عرض محدود، وهذا يعني أنه يوجد حد لمقدار النمو الذي قد يطرأ على العملة.. كما هو الحال مع الذهب الذي يعتبر المعروض منه ثابت نسبياً، ينظر الآن للعملات الرقمية بأنها الحل الأكثر منطقية للتحوط ضد التضخم.
إخلاء مسؤولية: الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء المؤلف ولا تعكس بالضرورة آراء عرب ماركت كاب. لا ينبغي تفسير أي معلومات في هذه المقالة على أنها رأي شخصي لعرب ماركت كاب.