منذ فترة ليست ببعيدة، بدأت أسواق العملات الرقمية تمرّ في حالة انخفاض ملحوظ. تلقّت هذه الأسواق ضربات عدّة ساهمت في حدوث هذا الهبوط الحاد، سواءً من الاختراقات المتعدّدة لشبكات البلوكتشين أو بسبب الحالة الاقتصادية السيئة التي يشهدها العالم أجمع. بالإضافة إلى ما سبق، فقد فوجِئ العالم بخبر هزّ أوساط الكريبتو أجمع، وهو إفلاس منصة تداول العملات الرقمية FTX واختفاء ما لا يقل عن مليار دولار من أموال المستخدمين في هذه المنصة.
كالعادة، انقسم المحللون إلى فريقين ما بين داعمٍ وناقد، فمنهم من يدافع عن سوق العملات الرقمية مبرّرًا هذه الأحداث بأنّها عادية وتحدث بكثرة في جميع أنواع الأسواق العالمية، لكنّ الأخبار ترّكز بشدة على سوق العملات الرقمية كونه حديثًا وغير ناضج نسبيًا. أمّا بالنسبة للفريق المقابل، فهناك من يظنّ أنّ عصر التشفير والعملات اللامركزية انتهى ولن يجدي المُضي به قدماً أيّ نفعٍ للمستخدمين. إضافةً إلى ذلك فهم يعتقدون بشدّة أنّ تقنية البلوكتشين لن تستمر طويلًا، حيث يتساءلون عن جدّية السوق وعن إمكانية ضبطه من خلال القوانين العالمية! إذًا، هل يمكن القول بأنّ عصر البلوكتشين والعملات الرقمية قد انتهى فعلاً ولا يوجد ما يدعو لاستمرار هذه التقنيات؟
ما القصة وراء انهيار منصة FTX؟
بدأت قصة انهيار منصة العملات الرقمية FTX في بداية شهر نوفمبر الحالي، وقد تضاربت الأنباء عن السبب الحقيقي وراء ذلك. من المرجّح أن يكون الإعلان عن الممارسات التجارية التي تقوم بها المنصّة هو المحرّك الرئيسي لهذه الأحداث، حيثُ ازدادت عمليات السحب من قِبَل العملاء لتصل إلى ما قيمته الكلية 6 مليار دولار خلال 72 ساعة فقط. كانت هذه اللحظة الفارقة التي لم تستطع FTX تداركها، وذلك عند عدم تمكّنها من جمع هذه الأموال اللازمة لتسديد أو تعويض الإفلاس الحاصل لها. إضافةً إلى ما سبق، فقد أعلن مؤسّس FTX “سام بانكمان فرايد” استقالته من منصبه كرئيس تنفيذي للمنصّة.
وجاءت الضربة القاضية عندما تقدّمت منصّة بينانس بعرض صفقة للاستحواذ على منصة FTX بعد إفلاسها بشكل رسمي، لكن سرعان ما تخلّت باينانس عن الصفقة المُقترحة. بحسب رويترز، هناك ما لا يقل عن مليار دولار من أموال مستخدمي منصة FTX قد اختفت، في إشارةٍ إلى إمكانية قيام بانكمان بتحويل سرّي لمبلغ يقدّر بـ 10 مليار دولار من أموال العملاء إلى منصة ألاميدا التابعة لـ FTX. وقد ذكرت وكالة الأنباء أنّ جزءًا كبيرًا من هذه الأموال قد اختفت، حيث تم تقدير المبلغ المفقود بحوالي 1.7 مليار دولار.
أدّى هذا الخبر المُفجع إلى حدوث اضطرابات في أسواق العملات الرقمية استمرّت لحوالي تسعة أيام. نتيجةً لذلك، فقد شهدت عملة البيتكوين الرقمية انخفاضًا شديدًا إلى أدنى مستوى لها في سنتين، إضافةً إلى حالة من الانخفاض الكلي لسوق العملات الرقمية ليصل الى مستوى 846 مليار دولار. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأزمة قد تسبّبت في انخفاض ثروة سام بانكمان، مؤسّس منصّة FTX، بنسبة تزيد عن 94% خلال يوم واحد فقط.
من الجدير بالذكر أنّ منصّة FTX كانت حتى وقت قريب واحدة من أكبر منصات العملات الرقمية في العالم. رغم هذا، فهي ليست المنصة الأولى التي تتعرّض للإفلاس في عالم العملات الرقمية، ومن المُحتمَل أيضًا أنّها لن تكون الأخيرة. مع ذلك، لا يُمكن لأحدٍ الجزم بحتمية زوال عصر البلوكتشين واللامركزية، فالبلوكتشين تقنية عظيمة أكبر من أن تكون محصورة في العملات الرقمية ومنصّاتها فقط!