على الرغم من الأهمية والشهرة الواسعة التي اكتسبتها البيتكوين والعملات الرقمية في السنوات الأخيرة، لا يمكن حصر تقنية البلوكتشين في هذا المجال فقط، فهي أكبر من مجرد تقنية تقوم عليها العملات الرقمية. فما هي تطبيقات تقنية البلوكتشين؟ ولِمَ يعتبرها البعض أهم ابتكار عرفتنا عليه العملات الرقمية؟ لمعرفة الإجابة، ننصحك بقراءة هذا المقال.
ما هي تقنية البلوكتشين؟
تقنية البلوكتشين هي عبارة عن قاعدة بيانات موزعة أو دفتر أستاذ مشترك بين العُقَد التي تعمل على الشبكة. كقاعدة بيانات، تقوم شبكة البلوكتشين بتخزين وتنسيقها المعلومات إلكترونياً، كما تحافظ على سجل لامركزي آمن للمعاملات.
يتمثل الاختلاف الرئيسي بين البلوكتشين وقاعدة البيانات بطريقة العمل؛ فبينما تقوم قواعد البيانات بتسجيل بياناتها في جداول، تقوم تقنية البلوكتشين بتسجيل بياناتها في كتل مترابطة مع بعضها البعض. فعندما يتم ملء كتلة، يتم وصلها بسلسلة الكتل الأخرى لتصبح جزءاً منها، ويتم إعطاء كل كتلة طابع زمني دقيق عند إضافتها للسلسلة.
أمّا عن الميزة الأساسية للبلوكتشين، فهي تتمثل بالدقة والأمان والثقة التي توفرها سجلات البيانات، دون الحاجة إلى وساطة “طرف ثالث”. كما تتميز سلاسل البلوكتشين اللامركزية بأنها غير قابلة للتعديل أو التغيير، مما يعني أن البيانات المدخلة لا رجوع فيها.
تطبيقات تقنية البلوكتشين
المدفوعات الدولية
لطالما كانت الحوالات المالية مكلفة وبطيئة، وعلى وجه الخصوص المدفوعات الدولية. يعود السبب في ذلك هو حاجتها إلى عدة بنوك ووسطاء، لمعالجة الحوالة قبل وصولها للمستلمين. على الرغم من توفّر بعض الخدمات التي تساعد في تسريع عملية التحويل، تحتاج هذه الخدمات إلى كلفة عالية لتنفيذها.
قدّمت تقنية البلوكتشين بديلاً أسرع، ذو كفاءة عالية وتكلفة أقل لهذه المشكلة. ففي حين أن تكلفة تحويل الأموال الخارجية قد تصل إلى 20% من قيمة التحويل، تتقاضى شبكات البلوكتشين جزءاً بسيطاً جداً من المبلغ الذي يتم تحويله.
في المقابل، لا بدّ من الإشارة إلى العقبات التي يجب تجاوزها، وأهمها تنظيم العملات الرقمية، لتتمكن البلوكتشين من الحصول على الثقة اللازمة ليتم اعتمادها في المدفوعات الدولية.
العقود الذكية
تعتبر تقنية العقود الذكية من أهم تطبيقات تقنية البلوكتشين، وهي عبارة عن برامج حاسوبية تقوم بالإشراف على جميع جوانب الاتفاقية من التسهيلات إلى التنفيذ. فعند استيفاء كافة الشروط، يمكن للعقود الذكية أن تكون ذاتية الإشراف والتنفيذ، و بالتالي، ستوفر هذه العقود حلولاً أكثر أماناً من العقود التقليدية، وبطريقة أسرع وأقل تكلفة. إجمالاً، تُعّد العقود الذكية بديلًا شاملًا في كافة المجالات التي يتم الاستعانة بالعقود التقليدية فيها.
حماية خصوصية المستخدمين
على الرغم من الجهود التي يبذلها العديد من الأفراد والمنظمات في الحفاظ على خصوصيتهم وأمانهم عبر الإنترنت، لا تزال سرقة البيانات وانتهاك خصوصيات المستخدمين واحدة من أهم المشاكل التي نواجهها حالياً في العالم الرقميّ. ومن هنا أتت أهمية تقنية البلوكتشين؛ فلا يخفى على أحد المستوى العالي من الأمان والخصوصية الذي يمكن أن توفرّه تقنية البلوكتشين، وذلك بفضل اللامركزية التي تتمتع بها، إذ تقوم الحواسيب الموجودة على البلوكتشين بعمليات تحقّق مستقلة لكل معاملة.
وفي هذا المجال، نرى مجموعة كبيرة من التطبيقات التي يمكن المساهمة بها. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام تقنية البلوكتشين في المساعدة على سرّية معلومات الناخبين وضمان حسن سير العملية الانتخابية أو استخدامها للحفاظ على سجلات ملكية العقارات، سندات الملكية وغيرها الكثير.
سلاسل التوريد
من أعقد المشكلات التي تواجهها الشركات الكبيرة وسلاسل التوريد، هي عدم القدرة على تتبّع الأخطاء وغياب الشفافية. لذلك، بدأت العديد من الشركات باستخدام تقنية البلوكتشين كوسيلة لتوثيق كافّة مراحل تدفق المنتج بين المشاريع أو عبر الحدود، وذلك عن طريق استخدام سجل موحّد لنشاط سلسلة التوريد.
تكمن الفائدة الرئيسية لتطبيقات تقنية البلوكتشين، في سلاسل التوريد، في حلها لمشكلة في حلها لمشكلة عدم الإفصاح بين الشركات، وتوفير كامل معلومات العملية بدقة وشفافية.
وفي النهاية، حتى وإن لم تكن من المهتمين بمجال العملات الرقمية، ننصحك بالإطّلاع على تقنية البلوكتشين وفهم آلية عملها وتطبيقاتها. فعلى الرغم من كون العملات الرقمية أكثر تطبيقات البلوكتشين شهرةً وازدهاراً، إنّ استخدامات تقنية البلوكتشين في باقي الصناعات لا تقل أهميةً عنها، ولا حصر لها.